وانت تقرأ هذه الأحرف هناك رسالتان من البشر تطوفان في الفضاء بحثًا عمن يجدهما،
إحداهما على بعد أكثر من 22 مليار كم منا، وهذا البعد هو أقصى مسافة وصلها شيء من صنع البشر
هنا جزء بسيط مما تحمله الرسالة، وبقية التسجيل في المادة القادمة
ما الرسالة ؟
وإلى من وجهت؟
القصة كاملة
تقف المركبتان على بعد مليارات من الكيلو مترات خارج نظامنا الشمسي بين تلك المادة المظلمة التي تملأ الكون، بعد أن عبر كلا منهما أجرام وكواكب وأقمار وأمدوا مراكز التحكم هنا على الأرض بآلاف القياسات والصور، وتغيرت معهما كثير من المفاهيم حول الكون.
كارل ساغان الفلكي الأمريكي المشهور لم يكن ليترك هاتين المركبتين لتسيرا بين النجوم دون أن يضع لمسته، حيث قام بتحويل الأمر من مجرد مهمة ذات أبعاد علمية إلى مهمة أكثر لطفًا وعمقًا وذلك بتضمينها رسالتين متطابقتين على أمل أن تقع إحداهما يومًا في يد حضارة فضائية.
تم التفكير في هاتين الرسالتين على مقربة من موعدي إطلاق المركبتين، لذلك منحت ناسا ساغان لتنفيذ فكرته ست أسابيع فقط، ليتمكن وفريقه من اختيار محتوى الرسالة ويصنع لها وعاء أو شكلًا صناعيًا مقاومًا لظروف الفضاء وغير قابل للتلف.
اهتدى ساغان وفريقه إلى صناعة إسطوانة فونوغرافية من النحاس قادرة على تسجيل الأصوات، وحرصوا أن يقوموا بطلائها بالذهب، حتى تكون مقاومة للصدأ، تم تضمين سطحها بإرشادات رسومية حول كيفية التشغيل، كما أرفقت معها حافظة وإبرة لاستقراء الصوت.
صممت الإسطوانة بقطر 30 سم، وخصصت بها مساحة قادرة على تخزين البيانات بطريقة الإشارات التناظرية، وهي طريقة كان يعتمد عليها عليها التلفزيون قديمًا في بث مواده المصورة، تضمنت تلك المساحة 115 صورة متنوعة تحكي عن الأرض وحضارة البشر.
(جزء صغير من تسجيل التحايا والعربية من ضمنها )
أما المساحة الصوتية فقد حرص فريق العمل على تضمينها كل ما من شأنه أن يعرف بالإنسان، حيث تضمنت التحية بنحو 55 لغة، كما تضمن أصوات من الطبيعة، فضلا عن عديد من المقطوعات الموسيقية المتنوعة، من شتى أرجاء العالم.
تضمن التسجيل الصوتي عددًا من الكلمات لشخصيات شهيرة من بينها جيمي كارتر الرئيس الأمريكي حينذاك، حيث قال "هذه هدية من عالم صغير، تعطي شيئا من أصواتنا ومن معلوماتنا ومن فكرنا وأحاسيسنا. نحن نحاول البقاء وعليه فربما نعيش بعض الوقت من الزمان ونعاصركم."
احتوت مجموعة الصور المتضمنة مجموعة كبيرة من المعلومات العلمية حول الأرض وموقعها وموقع الشمس بالنسبة للنجوم، كما تضمنت صورة لأماكن شتى من العالم، فضلًا عن معادلات فيزيائية ورياضية لها أهميتها، كما تضمنت صور تشريحية لجسم الإنسان.
أما الصور الأخرى التي تضمنتها اللوحة فقد كانت على قدر كبير من التنوع، تفرقت ما بين الإنسان في كل حالاته والحيوانات والطيور وأشكال الحياة الطبيعية، فضلًا عن غذاء الإنسان والفن المعماري، وكذا صورًا عن الأشغال اليومية التي يمارسها الناس.
تم تثبيت اللوحتين على كل من فوياجر 1 و 2، وانطلقا إلى الفضاء عام 1977 في مهمة لا نهائية تحمل آمالا معرفية كثيرة، وبعد فقط 18 شهرًا من الإطلاق؛ أرسلا صورًا لأول مرة شديدة الوضوح للمشترى وغيومه، لقد كانت جودة الصور من كاميرا التلفزيون على متن المركبة رائعة.
استمرت المركبتان في المسير في اتجاهات مختلفة ليضيفا للبشرية معرفة جديدة حول نظامنا الشمسي، فبعد أن كان العلماء مستقرين على اقتصار البراكين النشطة على كوكبنا، سجلت إحدى المركبتين لأول مرة براكين نشطة على إحدى أقمار المشترى بمعدل 10 مرات ضعف الأرض.
وبعد ذلك بعام قدمت فوياجرا 1 صورًا جديدة شديدة الوضوح لأول مرة لكوكب زحل، وأكتشفت في طريقها أقمارًا جديدة للكوكب، وأمد مركز تحكمه بكثير من المعلومات حول طبيعة قمر تيتان وكذا طبيعة تكوين حلقات زحل، الأمر الذي مهد لاحقًا لاكتشافات أضخم عبر رحلات فضائية أخرى.
في عام 2013 أعلنت ناسا أن فوياجرا 1 عبرت بالفعل حدود الغلاف الجوي، الأمر الذي يجعلها المركبة الأولى تاريخيًا التي تعبر نظامنا الشمسي وتدخل ضمن الفضاء بين النجمي، أما فوياجرا 2 فقد حققت نفس الإنجاز عام 2018، بسبب اختلاف مسارها.
تحوي المركبتين فوياجرا على مولدات طاقة نووية، بقدرة إنتاج تصل في فوياجار 1 إلى 1440 واط، لكن هذه المدة تقل كل عام بمعدل أربعة في المائة، الأمر الذي يقضي بفقدان التواصل مع هذه المركبات يومًا ما، مقدر له عام 2025.
في يوم قريب سنبحث عن إشارة ضعيفة كالعادة من فوجايرا ولن نجدها، ذلك أن طاقته ستكون نفذت، لكنه سيستمر في المضي بنفس سرعته، وإن قدر له الاستمرار فسيصل بعد نحو 73 ألف سنة إلى أقرب نجم لنا وهو "قنطور الأقرب"، وقتها قد لا يعرف الكون للبشر وجود!
ختاماً
هل يتوقع ان تلتقط الرسالتين مخلوقات عاقلة يوم ما .؟
هل يتوقع ان تلتقط الرسالتين مخلوقات عاقلة يوم ما .؟
منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق